Background

التفاصيل

حيثما تكون المصلحة فثم شرع الله

وتحقيق المصلحة هو المقصد الأساسي لأي تشريع، وكل التشريعات تسعى الى تحقيق التوازن بين المصالح، وحماية المصلحة الأكثر اولوية.

ويبرز في الآونة الاخيرة لغط وشطط وتعدد فتاوى واجتهادات ودراسات حول جواز و شريعة امتناع المستأجر للعقارات التجارية عن دفع الأجرة عن المدة التي أغلقت فيها هذه العقارات، امتثالا لأوامر الدفاع وقرارات حظر التجول واغلاق المحال.

لسنا بصدد التطرق لتقييم أو نقد هذه الدراسات من الناحية البحثية العلمية، انما النظر لإمكانية تطبيقها من الناحية الواقعية العملية، فالدراسات العلمية التحليلية للنصوص الصماء دون النظر الى النتائج من حيث المآل، هي دراسات لا تصلح ان تخرج للعوام والدهماء ولا تصلح للإحتكام اليها بين الناس.

ان الجزئية التي اثارت زوبعة خلافات بين الناس والتي توصلت اليها هذه الدراسات بجواز امتناع المستأجر عن دفع الأجرة، وانتشارها كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، هي أمر خطير ولها اثر سلبي على استقرار المعاملات و احداث قلاقل ومشاحنات بلا طائل ولا منفعة.

إن هذا الرأي استند الى النصوص القانونية التي تشير الى جواز فسخ العقد لانتفاء المنفعة وعلى الاجتهادات التي عالجت هذه المسألة، دون النظر الى الواقع الحالي ودون التبحر والتبصر والتفحص في أوضاع الناس من جهة، والى كلفة الوصول للنتيجة من جهة ثانية. والى تعريض العلاقة العقدية برمتها للخطر ووضعها في مهب الريح.

لم يؤخذ بعين الاعتبار التوازن بين المصالح واستقرار المعاملات و ان المنفعة لم تنتفِ بشكل كلي من المأجور فبقاء سلطة المستأجر على العين المؤجرة واستمرارها طوال مدة الإغلاق واشغال هذه العقارات بالبضائع والمواد والمنتجات والأثاث العائد للمستأجر، يشكل جزءا من الانتفاع ولو بشكل منقوص. وهناك صور وأوجهٌ أخرى للمنفعة الجزئية بالعقارات.

ولتحديد مقدار ما نقص من المنفعة فلابد من رفع دعوى ودفع رسومها وأتعاب المحاماة ونفقات الخبراء الذين سيحددون مقدار هذا الإنتقاص. والتي بمجموعها تكاد تكون اضعاف المبلغ المرجو انقاصه من بدل الأجرة، مؤكدين أن الإمتناع عن دفع الأجور، أمر استقر عليه الاجتهاد القضائي كسبب من أسباب إخلاء المأجور وفسخ عقد الايجار بغض النظر عن سبب الإمتناع وعلى المستأجر الدفع ومن ثم المطالبة برد المبلغ الزائد.

وعليه نؤكد أن استقرار المعاملات أولوية، ووجوب ايجاد حلول بقوة القانون اولوية، والحل لا يمكن ان يتم بالتقاضي لما فيه من ارهاق على جميع الاطراف وضآلة المنفعة من السير به قضائيا، مشيراً الى مقالي الذي نشر في جريدة الدستور بتاريخ 31.3.2020 والذي طرحت فيه حلاً يحقق مصلحة طرفي العقد، بتقسيط هذه الأجرة على المستأجر ضمن فترة مريحة كما ورد مفصلا في المقال المذكور، واصدار امر دفاع ينهي هذه المسألة من مسائل المنازعات.

حمى الله الاردن قيادة وارضا وشعبا